عدد القتلى الفلسطينيين في تزايد منذ تولي الحكومة الإسرائيلية الجديدة

من علي صوافطة

مخيم جنين (الضفة الغربية) (رويترز) – تشهد الضفة الغربية المحتلة بعضا من أسوأ أعمال العنف منذ سنوات إذ صعّدت إسرائيل عملياتها في الأراضي الفلسطينية في أعقاب سلسلة هجمات مميتة نفذها فلسطينيون في مدنها العام الماضي. ويتزايد عدد القتلى الفلسطينيين منذ تولي الحكومة اليمينية الجديدة زمام السلطة في إسرائيل.

وتعيش عائلتان فلسطينيتان حالة من الحزن والصدمة بعد مقتل رب الأسرة برصاص القوات الإسرائيلية في واقعتين مختلفتين الشهر الماضي.

ففي التاسع عشر من يناير كانون الثاني حدث ما لم يكن في حسبان عائلة جواد فريد بواقنة (58 عاما)، مدرس التربية الرياضية الفلسطيني، إذ نزل الأب من بيته في محاولة لإسعاف شاب أُصيب في اشتباك مع القوات الإسرائيلية أمام منزله في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة فأصابه رصاص قناص كان في مبنى مجاور وأرداه قتيلا.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في الحادث.

وقالت آلاء، ابنة جواد التي كانت معه عندما أُصيب، “مع كل رمشة عين بشوف أبوي يهوي.. كان نازل على الأرض (بعد إصابته). هذا المشهد رح يضل معي طول حياتي”.

وأضافت آلاء، الحاصلة على الماجستير في التربية الرياضية والتي تُدّرس هذه المادة في إحدى المدارس، لرويترز من منزل عائلتها في المخيم “إحنا كنا نائمين في بيتنا لبينا طلب إنساني.. صوت حد كان يستنجد بنا”.

وتابعت قائلة “ما كان معنا سلاح. نزل أبوي كان لابس بلوزة بيضاء والقناص كان شايف إنه ما معه سلاح وأنا ما كان معي سلاح، القناص شايف إنه إحنا مش مسلحين”.

وتصف آلاء، ولديها من الإخوة خمسة، والدها بأنه كل شيء في حياتها وتتحدث بألم عن كثير من الذكريات معه وتقول إنه كان حريصا على أن يُعّلم أولاده ويوفر لهم كل ما يحتاجونه.

وتقول “كان كل شي في البيت. كان عمود البيت كان حامل كل المسؤولية. كل الحياة كان هو”.

ولا تُخفي آلاء أن رحيل والدها سيترك فراغا في حياتها، وقالت “كل الفراغ ما في أي شي في الدنيا يعوض لحظة واحدة عن فراغه لأنه كان كل شي بمعنى كلمة شي”.

وفي الخامس عشر من يناير كانون الثاني، قُتل الفلسطيني أحمد كحلة (45 عاما) من قرية رمون بشرق رام الله في ظروف مختلفة قليلا إذ حدث عراك بينه وبين الجنود الإسرائيليين على حاجز عسكري فرشوا وجهه ووجه ابنه برذاذ الفلفل وانتهى الأمر بإطلاق النار عليه وقتله.

وكحلة أب لخمسة أطفال أكبرهم يبلغ من العمر عشرين عاما وأصغرهم خمسة أعوام حيث كان متوجها برفقة ابنه البكر إلى عمله في مجال الإنشاءات بقرية في غرب رام الله عندما وقع العراك.

وقال أخوه عماد كحلة “يعني بالنسبة لأخوي أحمد أنا لما… ما تصورت إن أخوي أحمد اللي استشهد”.

وقالت زهية، زوجة كحلة بعد أيام من مقتل زوجها، والدموع لم تفارق عينيها إن رحيله كسر ظهرها.

وأضافت في حديث لرويترز “شو بدي أحكيلك جرح يعني كسرة ظهر أحمد هو اللي كان موقفنا في الحياة. رحيله كسرني كثير بس الحمد لله”.

وتجد زهية صعوبة في إخبار ابنها الصغير ذي الخمس سنوات ماذا حدث لأبيه.

وقالت “ابني الصغير بظل يقول لي مش قلتي هيو بدو يرجع مش قلتي هيو جاي أنت بتضحكي عليّ ولازم أفتح الفيديو تبع أبوه ونقلب جميع الصور وهذا ليلة ليلة أنا لازم أعلمه في هذه الطريقة وامبارح عندي بنت جنى ما نيمتنا طول الليل وهي تقول ليش صار معنا هيك شو السبب ليش اختاروا أبوي من بين كل الناس”.

وتحمد زهية الله أن ابنها البكر قصي الذي كان مع أبيه لم ير مقتله بسبب رشه برذاذ الفلفل ورغم أنه سمع صوت الرصاص الذي أُطلق على أبيه ولكنه اعتقد أنهم أصابوهم حيث شاهد بعد ذلك الدم على الأرض قبل أن يعرف من الجنود أنهم قتلوه حيث قال له أحدهم إنه قتل أبيه.

وقالت زهية إن ابنها لا يزال يعيش الصدمة ولا يريد أن يتحدث مع الصحفيين وطلب منها ألا تجري حوارات مصورة مع الصحافة فوعدته بأنها لن تفعل، لذلك لم تتمكن رويترز من إجراء مقابلة مصورة معها.

وقتلت القوات الإسرائيلية 35 فلسطينيا خلال شهر يناير كانون الثاني ومن بينهم 20 على الأقل من المسلحين وكان بعضهم من المدنيين.

وتقول وزارة الصحة الفلسطينية إن 42 فلسطينيا قُتلوا برصاص القوات الإسرائيلية منذ بداية العام الجاري وبينهم مدنيون ومسلحون فيما تشير الإحصاءات الإسرائيلية إلى مقتل سبعة إسرائيليين خلال الفترة نفسها.

وزار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إسرائيل والضفة الغربية الشهر الماضي ودعا إلى إنهاء العنف المتجدد مؤكدا دعم واشنطن لحل الدولتين لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود.

وحث بلينكن الجانبين على التزام الهدوء وترك فريقا بالمنطقة لمواصلة خفض التصعيد.

(تحرير محمد محمدين وياسمين حسين للنشرة العربية)

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *